هل هي سلطة داخلية أو تروما؟
في بدايات عملي، وخلال جلسة مع شخص نوع الجنريتر الصافي، كنت متأكدة أنه سيميّز فورا صوت الاستجابة أو الرفض بعدما أصفه له كصوت سلطتهم الداخلية.
أنا: “هل لاحظت أصوات “هئه” و”آهه” أو أية أصوات أخرى تصدرها عندما يسألك أحدهم شيئا مهما كان؟”
هو: “هممم، آهه!”
أنا بحماسة، “بالضبط، هذا هو الصوت!”
هو : “أي صوت؟؟"
لقد كان عدم انتباهه إلى رده الطبيعي محبطا، إذ لم يميز صوت استجابته، في نهاية الجلسة اقترحت أن يستمع إلى التسجيل، ويلاحظ المرات التي غمغم بها كاستجابة نعم/لا، ليبدأ بملاحظتها، وارتباطها بسلطة اتخاذ القرار .لديه، وهي السلط العَجُزية
رغم أن الجنريتر الصافي ليس الوحيد الذي لا يميز سلطته الداخلية، ولكنه كان أكثر من سبّب لي الإحباط - وهو شعور مضخم من برمجة الجنريتر لي - إذ هو الوحيد الذي يكون عليه أن ينتبه إلى “صوت” فقط! وخاصة عندما نقارنه بباقي أنواع السُّلطات التي يكون على الشخص بذل جهد أكبر في ملاحظتها وبناء علاقة معها، مثلا الأشخاص الذين لديهم سلطة ضفيرة شمسية يواجهون تحدٍّ أكبر في ملاحظة موجة المشاعر والبدء في تكوين علاقة معها. أيضا، الأشخاص الذين تكون سلطتهم الداخلية حدسية (مركز المناعة) يكون عليهم ملاحظة أمر كالبرق الخاطف يؤثر على سلامتهم وصحتهم.
قد يعجز الجنريتر - وغيره من الأنواع - عن الانتباه إلى سلطته الداخلية لعدة أسباب، سأحصرها في أهم سببين، أحدهما يتعلق بطبيعة تصميم الشخص، والآخر يتعلق بمكان وجود حضوره.
أولا: وجود مركز سلطته الداخلية في جانب التصميم سواء بشكل كلي أو جزئي. بحيث تكون القناة أو القنوات التي تعرف المركز حمراء بشكل كامل، أو جزئي (نصفها أحمر ونصفها أسود)، أو كالمثال أدناه، القناة حمراء وهناك بوابة سوداء. وهذا الأمر يسهل رؤيته في خريطة الجسم الشخصية .للفرد. انظر المثال هنا
لاحظ مركز العجز (المربع الأحمر)
هناك قناة باللون الأحمر (قناة التركيز 9-52)، غير واعية. وتتكرر بوابة التفاصيل (9) باللون الأسود. إذن هذا جنريتر لا يعي استجابته للتركيز، وربما ينتبه إلى قدرته على العمل مع التفاصيل.
ثانيا: حضور الشخص في رأسه أو حول جسمه، نتيجة تروما في حياة سابقة، أو حدوث أمر خلال مرحلة الحمل (له أو لأمه أو في محيطهما) أو لحظات الولادة الأولى. يصعب على الشخص الإحساس بالأمان في جسمه، فيحول حضوره من الجسم إلى مكان ما في رأسه أو خارج جسمه، وبالتالي يصعب عليه كجنريتر (أو أي نوع آخر) ملاحظة الاستجابات أو الاتصال بسلطته الداخلية.
وفي كلتي الحالتين، يستمر الجنريتر في التفكير في سلطته الداخلية، ويعرف عنها الكثير كمعلومة، دون قيامه باتخاذ القرارات من سلطته فعلا. وفي الحقيقة، لا يقتصر هذا الأمر على الجنريتر فقط. وربما كنت أنت تختبر أمرا مشابها.
ما الحل؟
سواء كنت جنريتر ذي سلطة عَجُزية، أو أي نوع آخر، وما زال عندك تحديات في اتخاذ القرارات بموجب سلطتك الداخلية، فأنت تستطيع القيام بعدد من الأمور لتعمق علاقتك بجسمك، وتزيد حضوره طاقيا فيه.
أولا، لاحظ هروبك من جسمك.
هل تعرضت لموقف ما أحسست خلاله أنك تراقب نفسك من مكان ما خارجه؟ هذا هو الهروب، وهو تحول حضورك من الجسم إلى خارجه. إذن ابدأ بالتنفس ببطء وهدوء. وانتبه إلى لجوئك إلى الممارسات الروحية، عوضا عن مواجهة الحياة على أرض الواقع.
ثانيا: تمرس على التدوين
التدوين في أبسط صوره هو تحويل الأفكار إلى تجل على الورق. فالأشخاص الذين يعيشون في رأسهم أو حوله يبدؤون بالشعور بالأمان عندما يمسكون القلم ويبدؤون بالكتابة أو الرسم. عندها - كقط ينزل بحذر عن الشجرة - يبدأ حضورهم بالتدفق في يدهم التي تمسك القلم. دون تجاربك، المواقف التي تعرضت لها خلال اليوم، إحساسك في جسمك نتيجة الموقف.
ثالثا: عوّد نفسك على الإحساس بقدميك على الأرض،
أو الإحساس بيديك على سطح صلب، لعدة دقائق. هذا التمرين أيضا يساعد الشخص في الحضور في جسمه بأمان. ومع الوقت يتمكن الشخص من العودة إلى جسمه بشكل أسرع، وملاحظة استجابته - أو سلطته الداخلية.
رابعا: ابدأ بملاحظة المواقف والأشحاص الذين تهرب منهم.
هل فعلا تريد الهروب؟ قد يكون الشخص يشعر بالأمان، ولكنه اعتاد الهروب، ولهذا السبب يشعر بالغربة وسط الأصدقاء والأحباء، فهو يطفو في مكان ما خارج جسمه، ولا يمكن اختبار الحب والألفة إلا في الجسم!
خامسا: لاحظ تجنبك الشعور بالخوف والغضب، وبخاصة تجاه الأشخاص.
انبته إلى طريقة التعبير عنها. مثلا، قد تقول “هناك غضب” عوضا عن “أنا غاضب”. جرب تصريف تلك المشاعر بشكل آمن من خلال الرياضة أو ضرب وسادة.
ربما يبدو الحضور في الجسم والعلاقة معه أمرا بديهيا للبعض. ولكن هناك الكثيرون ممن لا يدركون أنهم يعيشون في بُعد قريب من الجسم المادي، ولكن ليس فيه بالضرورة. وهؤلاء سيتخذون قرارات فكرية مبنية على المعلومات التي يعرفونها عن نوعهم و/أو سلطتهم الداخلية، ونابعة من “تروما” قديمة. لهذا تكون ممارسة تمارين تعميق العلاقة مع الجسم، والحضور فيه ضرورية، ومع الوقت والمتابعة يبدأ الشخص بإستعادة حضوره في الجسم، وفي اللحظة، وبالتالي يبدأ بالانتباه إلى رسائل سلطته الداخلية، سواء كنت جنريتر أو أي نوع آخر.